سؤال في الصيام
الجمعة أغسطس 21, 2009 11:44 am
سؤال في الصيام
لابن عثيمين رحمه الله
س37: ما حكم جمع صلاة التراويح كلها أو بعضها مع الوتر في سلام واحد؟
ج37: هذا عمل مفسد للصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم قال:
« صلاة الليل مثنى مثنى ».
فإذا جمعها في سلام واحد لم تكن مثنى مثنى، وحينئذٍ تكون على خلاف ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلّم..
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم:
« مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ».
ونص الإمام أحمد رحمه الله:
« على أن من قام إلى ثالثة في صلاة الليل فكأنما قام إلى ثالثة في صلاة الفجر ».
أي أنه إن استمر بعد أن تذكَّر فإن صلاته تبطل كما لو كان ذلك في صلاة الفجر،
ولهذا يلزمه إذا قام إلى الثالثة في صلاة التراويح ناسياً ثم ذكر أن يرجع ويتشهد،
ويسجد للسهو بعد السلام.. فإن لم يفعل بطلت صلاته..
وهاهنا مسألة وهي أن بعض الناس فهم من حديث عائشة رضي الله عنها حيث سئلت:
كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلّم في رمضان؟ فقالت:
« ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن،
ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً »،
حيث ظُنَّ أن الأربع الأولى بسلام واحد والأربع الثانية بسلام واحد، والثلاث الباقية في سلام واحد.
ولكن هذا الحديث يحتمل ما ذكر ويحتمل أن مرادها أنه يصلي أربعاً بتسليمتين،
ثم يجلس للاستراحة واستعادة النشاط، ثم يصلي أربعاً كذلك، وهذا الاحتمال أقرب،
أي أنه يصلي ركعتين ركعتين.. لكن الأربع الأولى يجلس بعدها ليستريح ويستعيد نشاطه،
وكذلك الأربع الثانية يصلي ركعتين ركعتين ثم يجلس.
ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلّم:
« صلاة الليل مثنى مثنى »،
فيكون في هذا جمع بين فعله وقوله صلى الله عليه وسلّم،
واحتمال أن تكون أربعاً بسلام واحد وارد لكنه مرجوح لما ذكرنا من أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال:
« صلاة الليل مثنى مثنى ».
وأما الوتر فإذا أوتر بثلاث فلها صفتان: الصفة الأولى أن يسلم بركعتين ثم يأتي بالثالثة، والصفة الثانية أن يسرد الثلاث جميعاً بتشهد واحد وسلام واحد.
س38: ما قولكم فيما يذهب إليه بعض الناس من أن دعاء ختم القرآن من البدع المحدثة؟
ج38: لا أعلم لدعاء ختم القرآن في الصلاة أصلاً صحيحاً يعتمد عليه من سنة الرسول صلى الله عليه وسلّم، ولا من عمل الصحابة رضي الله عنهم. وغاية ما في ذلك ما كان أنس بن مالك رضي الله عنه يفعله إذا أراد إنهاء القرآن من أنه كان يجمع أهله ويدعو، لكنه لا يفعل هذا في صلاته.
والصلاة كما هو معلوم لا يشرع فيها إحداث دعاء في محل لم ترد السُّنَّة به؛
لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: « صلوا كما رأيتموني أُصلي ».
وأما إطلاق البدعة على هذه الختمة في الصلاة فإني لا أحب إطلاق ذلك عليها؛
لأن العلماء ـ علماء السنة ـ مختلفون فيها.
فلا ينبغي أن نعنف هذا التعنيف على ما قال بعض أهل السنة إنه من الأمور المستحبة،
لكن الأولى للإنسان أن يكون حريصاً على اتباع السنة.
ثم إن هاهنا مسألة يفعلها بعض الأخوة الحريصين على تطبيق السنة.
وهي أنهم يصلون خلف أحد الأئمة الذين يدعون عند ختم القرآن،
فإذا جاءت الركعة الأخيرة انصرفوا وفارقوا الناس بحجة أن الختمة بدعة،
وهذا أمر لا ينبغي لما يحصل من ذلك من اختلاف القلوب والتنافر،
ولأن ذلك خلاف ما ذهبت إليه الأئمة. فإن الإمام أحمد رحمه الله كان لا يرى استحباب القنوت في صلاة الفجر ومع ذلك يقول:
« إذا ائتم الإنسان بقانت في صلاة الفجر فليتابعه، وليؤمن على دعائه ».
ونظير هذه المسألة أن بعض الأخوة الحريصين على اتباع السنة في عدد الركعات في صلاة التراويح إذا صلوا خلف إمام يصلي أكثر من إحدى عشر ركعة أو ثلاث عشرة ركعة انصرفوا إذا تجاوز الإمام هذا العدد،
وهذا أيضاً أمر لا ينبغي، وهو خلاف عمل الصحابة رضي الله عنهم؛
فإن الصحابة رضي الله عنهم لما اتمَّ عثمان بن عفان رضي الله عنه في منى متأولاً أنكروا عليه الإتمام ومع ذلك كانوا يصلون خلفه ويتمون.
ومن المعلوم أن إتمام الصلاة في حال يشرع فيها القصر أشد مخالفة للسُنَّة من الزيادة على ثلاث عشرة ركعة،
ومع هذا لم يكن الصحابة رضي الله عنهم يفارقون عثمان، أو يَدَعون الصلاة معه. وهم بلا شك أحرص منا على اتباع السنة، وأسد منا رأياً،
وأشد منا تمسكاً فيما تقتضيه الشريعة الإسلامية.
فنسأل الله أن يجعلنا جميعاً ممن يرى الحق فيتبعه، ويرى الباطل باطلاً فيجتنبه.
س39: اعتاد بعض المسلمين وصف ليلة سبع وعشرين من رمضان بأنها ليلة القدر.
فهل لهذا التحديد أصل؟ وهل عليه دليل؟
ج39: نعم لهذا التحديد أصل، وهو أن ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون ليلة للقدر كما جاء ذلك في صحيح مسلم من حديث أُبي بن كعب رضي الله عنه.
ولكن القول الراجح من أقوال أهل العلم التي بلغت فوق أربعين قولاً أن ليلة القدر في العشر الأواخر ولاسيما في السبع الأواخر منها،
فقد تكون ليلة سبع وعشرين، وقد تكون ليلة خمس وعشرين، وقد تكون ليلة ثلاث وعشرين، وقد تكون ليلة تسع وعشرين،
وقد تكون ليلة الثامن والعشرين، وقد تكون ليلة السادس والعشرين، وقد تكون ليلة الرابع والعشرين.
ولذلك ينبغي للإنسان أن يجتهد في كل الليالي حتى لا يحرم من فضلها وأجرها؛ فقد قال الله تعالى:
{إِنَّآ أَنزَلْنَـهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَـرَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ }
[الدخان: 3]
وقال عز وجل:
{إِنَّا أَنزَلْنَـهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ *
تَنَزَّلُ الْمَلَـئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَـمٌ هِىَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ }
[سورة القدر].
س40: إذا شق الصيام على المرأة المرضع فهل يجوز لها الفطر؟
ج40: نعم يجوز لها أن تفطر إذا شق الصيام عليها،
أو إذا خافت على ولدها من نقص إرضاعه، فإنه في هذه الحال يجوز لها أن تفطر،
وأن تقضي عدد الأيام التي أفطرتها.
س41: في بعض الصيدليات بخاخ يستعمله بعض مرضى الربو،
فهل يجوز للصائم استعماله في نهار رمضان؟
ج41: استعمال البخاخ جائز للصائم سواء كان صيامه في رمضان أم في غير رمضان..
وذلك لأن هذا البخاخ لا يصل إلى المعدة، وإنما يصل إلى القصبات الهوائية فتنفتح لِما فيه من خاصية
ويتنفس الإنسان تنفساً عادياً بعد ذلك، فليس هو بمعنى الأكل ولا الشرب،
ولا أكلاً ولا شرباً يصل إلى المعدة.
ومعلوم أن الأصل صحة الصوم حتى يوجد دليل يدل على الفساد من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس صحيح.
س42: ما حكم استعمال معجون الأسنان للصائم في نهار رمضان؟
ج42: استعمال المعجون للصائم في رمضان وغيره لا بأس به إذا لم ينزل إلى معدته،
ولكن الأولى عدم استعماله؛ لأن له نفوذاً قوياً قد ينفذ إلى المعدة والإنسان لا يشعر به.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلّم للقيط بن صبرة:
« بالِغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً »،
فالأولى ألا يستعمل الصائم المعجون، والأمر واسع فإذا أخَّره حتى أفطر فيكون قد توقى ما يخشى أن يكون به فساد الصوم.
س43: هل صحيح أن المضمضة في الوضوء تسقط عن الصائم في نهار رمضان؟
ج43: ليس هذا بصحيح، فالمضمضة في الوضوء فرض من فروض الوضوء سواء في نهار رمضان أو في غيره للصائم ولغيره،
لعموم قوله تعالى:
{فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ}
[المائدة: 6]،
لكن لا ينبغي أن يبالغ في المضمضة أو الاستنشاق وهو صائم، لحديث لقيط بن صبرة أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال له:
« أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً ».
س44: هل يفطر الصائم بأخذ الإبر في الوريد؟
ج44: لا يفطر الصائم بأخذ الإبر في الوريد ولا في غيره. إلا أن تكون هذه الإبرة قائمة مقام الطعام بحيث يستغني بها الإنسان عن الأكل والشرب.
فأما ما ليس كذلك فإنها لا تفطر مطلقاً سواء أخذت من الوريد أو من غيره..
وذلك لأن هذه الإبر ليست أكلاً ولا شرباً، ولا بمعنى الأكل والشرب..
وعلى هذا فينتفي عنها أن تكون في حكم الأكل والشرب.
س45: هل أخذ شيء من الدم بغرض التحليل أو التبرع في نهار رمضان يفطر الصائم أم لا؟
ج45: إذا أخذ الإنسان شيئاً من الدم قليلاً لا يؤثر في بدنه ضعفاً فإنه لا يفطر بذلك سواء أخذه للتحليل أو لتشخيص المرض،
أو أخذه للتبرع به لشخص يحتاج إليه.
أما إذا أخذ من الدم كمية كبيرة يلحق البدن بها ضعف فإنه يفطر بذلك قياساً على الحجامة التي ثبت بالسنة بأنها مفطرة للصائم.
وبناءً على ذلك فإنه لا يجوز للإنسان أن يتبرع بهذه الكمية من الدم وهو صائم صوماً واجباً كصوم رمضان إلا أن يكون هناك ضرورة،
فإنه في هذه الحال يتبرع به لدفع الضرورة، ويكون مفطراً يأكل ويشرب بقية يومه ويقضي بدل هذا اليوم.
س46: ما حكم استعمال السواك للصائم بعد الزوال؟
ج46: استعمال السواك للصائم قبل الزوال وبعد الزوال سنة كما هو سنة لغيره؛
لأن الأحاديث عامة في استعمال السواك، ولم يستثن منها صائماً قبل الزوال ولا بعده.
قال النبي صلى الله عليه وسلّم:
« السواك مطهرة للفم مرضاة للرب...».
وقال عليه الصلاة والسلام:
« لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ».
س47: ما توجيهكم ـ حفظكم الله ـ لبعض أئمة المساجد الذين يتركون مساجدهم في رمضان ويذهبون إلى مكة للعمرة والصلاة في الحرم خلال هذا الشهر؟
ج47: توجيهنا لهؤلاء أن يعلموا أن بقاءهم في مساجدهم لاجتماع الناس فيها،
وأداء واجبهم الذي التزموه أمام حكومتهم أفضل من أن يذهبوا إلى مكة ليقيموا فيها ويصلوا هناك.
والنبي عليه الصلاة والسلام لم يذكر في رمضان في الذهاب إلى مكة إلا العمرة، فقال:
« عمرة في رمضان تعدل حجة »
ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلّم الإقامة هناك.. ولكن لا شك أن الإقامة في مكة أفضل من الإقامة في غيرها،
لكن لغير الإنسان الذي له عمل مرتبط به أمام حكومته، وواجب عليه أن يقوم به،
فنصيحتي لهؤلاء إذا شاءوا أن يؤدوا العمرة أن يذهبوا إليها وأن يرجعوا منها بدون تأخُّر؛
ليقوموا بما يجب عليهم نحو إخوانهم وولاة أمورهم.
س48: يعتقد بعض الناس أن العمرة في رمضان أمر واجب على كل مسلم لابد أن يؤديه ولو مرة في العمر،
فهل هذا صحيح؟
ج48: هذا غير صحيح. والعمرة واجبة مرة واحدة في العمر، ولا تجب أكثر من ذلك،
والعمرة في رمضان مندوب إليها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم قال:
« عمرة في رمضان تعدل حجة ».
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإخواننا المسلمين لما يحب ويرضى، إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين، وأُصلي وأُسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وتقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال
للامانة منقو
لابن عثيمين رحمه الله
س37: ما حكم جمع صلاة التراويح كلها أو بعضها مع الوتر في سلام واحد؟
ج37: هذا عمل مفسد للصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم قال:
« صلاة الليل مثنى مثنى ».
فإذا جمعها في سلام واحد لم تكن مثنى مثنى، وحينئذٍ تكون على خلاف ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلّم..
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم:
« مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ».
ونص الإمام أحمد رحمه الله:
« على أن من قام إلى ثالثة في صلاة الليل فكأنما قام إلى ثالثة في صلاة الفجر ».
أي أنه إن استمر بعد أن تذكَّر فإن صلاته تبطل كما لو كان ذلك في صلاة الفجر،
ولهذا يلزمه إذا قام إلى الثالثة في صلاة التراويح ناسياً ثم ذكر أن يرجع ويتشهد،
ويسجد للسهو بعد السلام.. فإن لم يفعل بطلت صلاته..
وهاهنا مسألة وهي أن بعض الناس فهم من حديث عائشة رضي الله عنها حيث سئلت:
كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلّم في رمضان؟ فقالت:
« ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن،
ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً »،
حيث ظُنَّ أن الأربع الأولى بسلام واحد والأربع الثانية بسلام واحد، والثلاث الباقية في سلام واحد.
ولكن هذا الحديث يحتمل ما ذكر ويحتمل أن مرادها أنه يصلي أربعاً بتسليمتين،
ثم يجلس للاستراحة واستعادة النشاط، ثم يصلي أربعاً كذلك، وهذا الاحتمال أقرب،
أي أنه يصلي ركعتين ركعتين.. لكن الأربع الأولى يجلس بعدها ليستريح ويستعيد نشاطه،
وكذلك الأربع الثانية يصلي ركعتين ركعتين ثم يجلس.
ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلّم:
« صلاة الليل مثنى مثنى »،
فيكون في هذا جمع بين فعله وقوله صلى الله عليه وسلّم،
واحتمال أن تكون أربعاً بسلام واحد وارد لكنه مرجوح لما ذكرنا من أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال:
« صلاة الليل مثنى مثنى ».
وأما الوتر فإذا أوتر بثلاث فلها صفتان: الصفة الأولى أن يسلم بركعتين ثم يأتي بالثالثة، والصفة الثانية أن يسرد الثلاث جميعاً بتشهد واحد وسلام واحد.
س38: ما قولكم فيما يذهب إليه بعض الناس من أن دعاء ختم القرآن من البدع المحدثة؟
ج38: لا أعلم لدعاء ختم القرآن في الصلاة أصلاً صحيحاً يعتمد عليه من سنة الرسول صلى الله عليه وسلّم، ولا من عمل الصحابة رضي الله عنهم. وغاية ما في ذلك ما كان أنس بن مالك رضي الله عنه يفعله إذا أراد إنهاء القرآن من أنه كان يجمع أهله ويدعو، لكنه لا يفعل هذا في صلاته.
والصلاة كما هو معلوم لا يشرع فيها إحداث دعاء في محل لم ترد السُّنَّة به؛
لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: « صلوا كما رأيتموني أُصلي ».
وأما إطلاق البدعة على هذه الختمة في الصلاة فإني لا أحب إطلاق ذلك عليها؛
لأن العلماء ـ علماء السنة ـ مختلفون فيها.
فلا ينبغي أن نعنف هذا التعنيف على ما قال بعض أهل السنة إنه من الأمور المستحبة،
لكن الأولى للإنسان أن يكون حريصاً على اتباع السنة.
ثم إن هاهنا مسألة يفعلها بعض الأخوة الحريصين على تطبيق السنة.
وهي أنهم يصلون خلف أحد الأئمة الذين يدعون عند ختم القرآن،
فإذا جاءت الركعة الأخيرة انصرفوا وفارقوا الناس بحجة أن الختمة بدعة،
وهذا أمر لا ينبغي لما يحصل من ذلك من اختلاف القلوب والتنافر،
ولأن ذلك خلاف ما ذهبت إليه الأئمة. فإن الإمام أحمد رحمه الله كان لا يرى استحباب القنوت في صلاة الفجر ومع ذلك يقول:
« إذا ائتم الإنسان بقانت في صلاة الفجر فليتابعه، وليؤمن على دعائه ».
ونظير هذه المسألة أن بعض الأخوة الحريصين على اتباع السنة في عدد الركعات في صلاة التراويح إذا صلوا خلف إمام يصلي أكثر من إحدى عشر ركعة أو ثلاث عشرة ركعة انصرفوا إذا تجاوز الإمام هذا العدد،
وهذا أيضاً أمر لا ينبغي، وهو خلاف عمل الصحابة رضي الله عنهم؛
فإن الصحابة رضي الله عنهم لما اتمَّ عثمان بن عفان رضي الله عنه في منى متأولاً أنكروا عليه الإتمام ومع ذلك كانوا يصلون خلفه ويتمون.
ومن المعلوم أن إتمام الصلاة في حال يشرع فيها القصر أشد مخالفة للسُنَّة من الزيادة على ثلاث عشرة ركعة،
ومع هذا لم يكن الصحابة رضي الله عنهم يفارقون عثمان، أو يَدَعون الصلاة معه. وهم بلا شك أحرص منا على اتباع السنة، وأسد منا رأياً،
وأشد منا تمسكاً فيما تقتضيه الشريعة الإسلامية.
فنسأل الله أن يجعلنا جميعاً ممن يرى الحق فيتبعه، ويرى الباطل باطلاً فيجتنبه.
س39: اعتاد بعض المسلمين وصف ليلة سبع وعشرين من رمضان بأنها ليلة القدر.
فهل لهذا التحديد أصل؟ وهل عليه دليل؟
ج39: نعم لهذا التحديد أصل، وهو أن ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون ليلة للقدر كما جاء ذلك في صحيح مسلم من حديث أُبي بن كعب رضي الله عنه.
ولكن القول الراجح من أقوال أهل العلم التي بلغت فوق أربعين قولاً أن ليلة القدر في العشر الأواخر ولاسيما في السبع الأواخر منها،
فقد تكون ليلة سبع وعشرين، وقد تكون ليلة خمس وعشرين، وقد تكون ليلة ثلاث وعشرين، وقد تكون ليلة تسع وعشرين،
وقد تكون ليلة الثامن والعشرين، وقد تكون ليلة السادس والعشرين، وقد تكون ليلة الرابع والعشرين.
ولذلك ينبغي للإنسان أن يجتهد في كل الليالي حتى لا يحرم من فضلها وأجرها؛ فقد قال الله تعالى:
{إِنَّآ أَنزَلْنَـهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَـرَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ }
[الدخان: 3]
وقال عز وجل:
{إِنَّا أَنزَلْنَـهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ *
تَنَزَّلُ الْمَلَـئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَـمٌ هِىَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ }
[سورة القدر].
س40: إذا شق الصيام على المرأة المرضع فهل يجوز لها الفطر؟
ج40: نعم يجوز لها أن تفطر إذا شق الصيام عليها،
أو إذا خافت على ولدها من نقص إرضاعه، فإنه في هذه الحال يجوز لها أن تفطر،
وأن تقضي عدد الأيام التي أفطرتها.
س41: في بعض الصيدليات بخاخ يستعمله بعض مرضى الربو،
فهل يجوز للصائم استعماله في نهار رمضان؟
ج41: استعمال البخاخ جائز للصائم سواء كان صيامه في رمضان أم في غير رمضان..
وذلك لأن هذا البخاخ لا يصل إلى المعدة، وإنما يصل إلى القصبات الهوائية فتنفتح لِما فيه من خاصية
ويتنفس الإنسان تنفساً عادياً بعد ذلك، فليس هو بمعنى الأكل ولا الشرب،
ولا أكلاً ولا شرباً يصل إلى المعدة.
ومعلوم أن الأصل صحة الصوم حتى يوجد دليل يدل على الفساد من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس صحيح.
س42: ما حكم استعمال معجون الأسنان للصائم في نهار رمضان؟
ج42: استعمال المعجون للصائم في رمضان وغيره لا بأس به إذا لم ينزل إلى معدته،
ولكن الأولى عدم استعماله؛ لأن له نفوذاً قوياً قد ينفذ إلى المعدة والإنسان لا يشعر به.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلّم للقيط بن صبرة:
« بالِغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً »،
فالأولى ألا يستعمل الصائم المعجون، والأمر واسع فإذا أخَّره حتى أفطر فيكون قد توقى ما يخشى أن يكون به فساد الصوم.
س43: هل صحيح أن المضمضة في الوضوء تسقط عن الصائم في نهار رمضان؟
ج43: ليس هذا بصحيح، فالمضمضة في الوضوء فرض من فروض الوضوء سواء في نهار رمضان أو في غيره للصائم ولغيره،
لعموم قوله تعالى:
{فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ}
[المائدة: 6]،
لكن لا ينبغي أن يبالغ في المضمضة أو الاستنشاق وهو صائم، لحديث لقيط بن صبرة أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال له:
« أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً ».
س44: هل يفطر الصائم بأخذ الإبر في الوريد؟
ج44: لا يفطر الصائم بأخذ الإبر في الوريد ولا في غيره. إلا أن تكون هذه الإبرة قائمة مقام الطعام بحيث يستغني بها الإنسان عن الأكل والشرب.
فأما ما ليس كذلك فإنها لا تفطر مطلقاً سواء أخذت من الوريد أو من غيره..
وذلك لأن هذه الإبر ليست أكلاً ولا شرباً، ولا بمعنى الأكل والشرب..
وعلى هذا فينتفي عنها أن تكون في حكم الأكل والشرب.
س45: هل أخذ شيء من الدم بغرض التحليل أو التبرع في نهار رمضان يفطر الصائم أم لا؟
ج45: إذا أخذ الإنسان شيئاً من الدم قليلاً لا يؤثر في بدنه ضعفاً فإنه لا يفطر بذلك سواء أخذه للتحليل أو لتشخيص المرض،
أو أخذه للتبرع به لشخص يحتاج إليه.
أما إذا أخذ من الدم كمية كبيرة يلحق البدن بها ضعف فإنه يفطر بذلك قياساً على الحجامة التي ثبت بالسنة بأنها مفطرة للصائم.
وبناءً على ذلك فإنه لا يجوز للإنسان أن يتبرع بهذه الكمية من الدم وهو صائم صوماً واجباً كصوم رمضان إلا أن يكون هناك ضرورة،
فإنه في هذه الحال يتبرع به لدفع الضرورة، ويكون مفطراً يأكل ويشرب بقية يومه ويقضي بدل هذا اليوم.
س46: ما حكم استعمال السواك للصائم بعد الزوال؟
ج46: استعمال السواك للصائم قبل الزوال وبعد الزوال سنة كما هو سنة لغيره؛
لأن الأحاديث عامة في استعمال السواك، ولم يستثن منها صائماً قبل الزوال ولا بعده.
قال النبي صلى الله عليه وسلّم:
« السواك مطهرة للفم مرضاة للرب...».
وقال عليه الصلاة والسلام:
« لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ».
س47: ما توجيهكم ـ حفظكم الله ـ لبعض أئمة المساجد الذين يتركون مساجدهم في رمضان ويذهبون إلى مكة للعمرة والصلاة في الحرم خلال هذا الشهر؟
ج47: توجيهنا لهؤلاء أن يعلموا أن بقاءهم في مساجدهم لاجتماع الناس فيها،
وأداء واجبهم الذي التزموه أمام حكومتهم أفضل من أن يذهبوا إلى مكة ليقيموا فيها ويصلوا هناك.
والنبي عليه الصلاة والسلام لم يذكر في رمضان في الذهاب إلى مكة إلا العمرة، فقال:
« عمرة في رمضان تعدل حجة »
ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلّم الإقامة هناك.. ولكن لا شك أن الإقامة في مكة أفضل من الإقامة في غيرها،
لكن لغير الإنسان الذي له عمل مرتبط به أمام حكومته، وواجب عليه أن يقوم به،
فنصيحتي لهؤلاء إذا شاءوا أن يؤدوا العمرة أن يذهبوا إليها وأن يرجعوا منها بدون تأخُّر؛
ليقوموا بما يجب عليهم نحو إخوانهم وولاة أمورهم.
س48: يعتقد بعض الناس أن العمرة في رمضان أمر واجب على كل مسلم لابد أن يؤديه ولو مرة في العمر،
فهل هذا صحيح؟
ج48: هذا غير صحيح. والعمرة واجبة مرة واحدة في العمر، ولا تجب أكثر من ذلك،
والعمرة في رمضان مندوب إليها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم قال:
« عمرة في رمضان تعدل حجة ».
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإخواننا المسلمين لما يحب ويرضى، إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين، وأُصلي وأُسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وتقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال
للامانة منقو
- عاشق السهرعضو شغال على كبير
عدد المساهمات : 148
تاريخ التسجيل : 03/08/2009
عدد النقاط : 56085
رد: سؤال في الصيام
الجمعة أغسطس 21, 2009 9:19 pm
تسلم ياكبير
جزاك الله خيرا
جزاك الله خيرا
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى